
في التالي أفكار تعبر عن رأيي في واقع ريادة الأعمال وتمويل المشاريع الريادية من قبل المنظمات الدولية أو الجمعيات في حلب خصوصاً وسوريا عموماً.
لايمكن أن تكون دورة حياة المشاريع الريادية في حلب سليمة في حال استمرت بالاعتماد الكامل على برامج المنظمات الدولية، فهذه البرامج بشكل أو بآخر تتبع لأجندة المنظمة وتسعى لتحقيق أهدافها. وللأسف جرت العادة أن تكون هذه الأهداف مبنية على مؤشرات غير دقيقة وأحياناً غير واقعية أو مستوردة كقالب جاهز من تجربة المنظمة في بلد آخر.
إن هذه التوليفة قد تكون سامة لبيئة العمل الريادي، لأنها تمس بشكل مباشر بـ “الأفراد” وتؤثر بهم في هذه المرحلة الحساسة، والفرد هو اللبنة الأساسية ومحور الـ Tech Ecosystem في المدينة والتأثير به بشكل غير سليم سيؤدي لتشكيل Ecosystem مشوه وفارغ من المعنى. وهنا سأستعرض بعض الحقائق:
- اختيار المشاريع الناجحة حالياً يكون مرهون بتوجه المنظمة وليس على حسب احتياج السوق أو الكفاءة.
- بعد عدة جولات تمويلية سيتضح نمط توجه التمويل والاختيار في المنظمة وعليه سيقوم المشاركين بتحوير مشاريعهم للتناسب مع هذا النمط حتى لو فرغت من معناها وهدفها الحقيقي.
- وجود مشاريع ممولة ليس عليها طلب في السوق سيؤدي إلى فشلها بشكل أو بآخر وبالتالي احباط وخسارة معنوية للأفراد المؤسسين.
- عدم اختيار المشاريع بناء على معايير صحيحة سيؤدي إلى حالة من الإحباط وعبئ جديد يضاف إلى كل من يختار أن يغامر ويبدع في هذا المجال.
- تدريب الأفراد من قبل أشخاص دون خبرة سابقة في المجال سيكون تكرار لما تقوم به مناهجنا الدراسية، تلقين بدون معنى وبدون ملاحظات جوهرية قادمة من تجربة حقيقية في المجال.
- محدودية المنح المالية، تترك الفرد حائراً كيف يمكن أن يستمر بمشروعه بعد انتهاء هذه المنحة التي قد لاتكفي لتحقيق مشروعه كما هو مخطط.
هذه الحقائق وغيرها تعطي انطباع سلبي ومفرغ من المعنى لدورة حياة المشاريع الريادية وهو مالا نحتاج إليه الآن. لو كان واقعنا مختلف، ولدينا حاضنات أعمال و Ecosystem مستقر ونشط بالكامل كانت هذه الممارسات ذات تأثير خفيف أو غير ملاحظ، لكن في واقعنا الحالي الحساس تأثيرها كما ذكرت سابقاً قد يكون سام.
لكن ماهو الحل؟ كيف يمكن تصحيح دورة الحياة الحالية للمشاريع الريادية؟
من الصعب بالتأكيد اغفال دور المنظمات الأساسي في تأهيل المزيد من الأفراد لدخول هذا المجال، وتمكينهم من الأدوات اللازمة للعمل والإبداع. رغم كل ماسبق، تلعب المنظمات دور أساسي حالياً، ولكي تأخذ الأمور مجراها السليم والطبيعي على صانعي السياسات المحليين في هذه المنظمات التعاون والتركيز على النقاط التالية:
- طرح مفهوم الـ MVP – Minimum Viable Product على الأفراد المتدربين وتعزيز فكرة الإنطلاق بنماذج “تعمل بكفاءة بأصغر شكل ممكن” من مشاريعهم.
- تخصيص المنح لتطوير الـ MVP ففط وليس المشروع كما هو وضبط توقعات المتدربين على هذا الأساس.
- تمكين المتدربين من مهارات التفاوض وعرض الأفكار.
- تمكين المتدربين من كيفية البحث عن المستثمر واختياره.
- المتابعة الجدية لإنهاء الـ MVP ومساعدة الأفراد المتدربين في تسليط الضوء على عملهم وتعريف المجتمع به.
إن هذه النقاط على بساطتها، تهدف إلى أمر واضح ودقيق، وهو تجهيز الأفراد لمقابلة المستثمرين المحليين! فمقابلة المستثمر مع نموذج يعمل بنجاح ومهارات متنوعة من تفاوض وغيرها تجعل عملية جذب المستثمر المحلي واقناعه بتوجيه جزء من استثماراته إلى هذا المجال ممكن وواقعي.
المستثمر الحلبي غير مهتم، ولن يهتم طالما أن هذا المجال فارغ من محتواه، لايستجيب لطلب السوق، ولايقوم بإدخال أرباح، وعدم وجود هذا المستثمر في الـ Ecosystem الحالي للمدينة يعني حلقة مفرغة ودورة حياة مشوهة للمشروع الريادي.
إن مفتاح نجاح المشاريع الريادية في سياقنا هو إدخال المستثمرين المحليين. إن استفزازهم بنماذج مشاريع ناجحة وجاهزة للتمويل سيكسر الرتابة وسيفتح سلسلة من التمويلات لاحقاً تؤدي إلى المزيد من الحماس من قبل الشباب للدخول إلى هذا المجال وتقديم حلول تقنية أو غير تقنية لمشاكلنا اليومية.
تغذية راجعة
اتمنى عدم التردد في الاستفسار عن أي مفهوم تم ذكره في هذا التدوينة، سأكون سعيد إن شاركتموني تجربتكم وملاحظاتكم وتصويباتكم في حال وجود أخطاء كتابية. الأفكار هنا تعبر عن رأي شخصي، وهي ليست بالضرورة صحيحة.